× الرقية الشرعية الرقية الشرعية ضوابطها وأحكامها العبودية الامر بالمعروف .. أمثال من القرآن الحسنة و السيئة الاستعداد للموة.. المسيح الدجال.. التبرج معجزات الانبياء أسرار التكرار في القرآن الثبات عند الممات الزهد والورع والعبادة المواقع الإباحية نساء حول الرسول أشراط الساعة
فهرس الكتب

المكتبة

 

المسيح الدجال




قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله إياه

على سياق رواية أبي أمامة رضي الله عنه مضافاً إليه ما صح عن غيره من الصحابة رضي الله عنهم
بقلم محمد ناصر الألباني




حديث أبي أمامة رضي الله عنه مع تخريجه

(1- يا أيها الناس! إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال.

2- وإن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا حذّر أمته الدجال.

3- وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم.

4- وهو خارج فيكم لا محالة.

5- فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم؛ فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي؛ فكل امرئٍ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.

6- وإنه يخرج من خلّة بين الشام والعراق، فيعيث يميناً وشمالاً، يا عباد الله! فاثبتوا.

7- فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي:

8- إنه يبدأ فيقول: أنا نبي، ولا نبي بعدي.

9- ثم يثني فيقول: أنا ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا.

10- وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور.

11- وإنه مكتوب بين عينيه: كافر.

12- يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب.

[42]

13- وإن من فتنته؛ أن معه جنة وناراً، فناره جنة، وجنته نار.

14- فمن ابتلي بناره؛ فليستغث بالله، وليقرأ فواتح (الكهف).

15- فتكون عليه برداً وسلاماً ؛ كما كانت النار على إبراهيم.

16- وإن من فتنته؛ أن يقول لأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك؛ أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني! اتّبعه؛ فإنه ربك.

17- وإن من فتنته؛ أن يسلط على نفسٍ واحدة فيقتلها.

18- وينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا؛ فإني أبعثه الآن؛ ثم يزعم أن له رباً غيري. فيبعثه الله ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله، أنت الدجال، والله؛ ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم.

19- وإن من فتنته؛ أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت.

20- وإن من فتنته؛ أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت.

21- وإن من فتنته؛ أن يمر بالحي فيصدّقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمدّه خواصر، وأدرّه ضروعاً.

[43]

22- وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه؛ إلا مكة والمدينة.

23- لا يأتيهما من نقب من نقابهما  إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة.

24- حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة.

25- فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه.

26- فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد.

27- ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.

28- فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله! فأين العرب يومئذٍ؟ قال: هم يومئذٍ قليل.

29- وجلّهم ببيت المقدس.

30- وإمامهم رجل صالح.

31- فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح؛ إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصلّ؛ فإنها لك أقيمت . فيصلي بهم إماماً.

[44]

32- فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب- فيُفتح، ووراءه الدجال.

33- معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج.

34- فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء.

35- وينطلق هارباً، ويقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها.

36- فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله.

37- فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء؛ لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابة- إلا الغرقدة؛ فإنها من شجرهم لا تنطق- إلا قال يا عبد الله المسلم! هذا يهودي فتعال فاقتله.

38- وإن أيامه أربعون سنة.

39- السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة.

40- وآخر أيامه كالشررة.

41- يصبح أحدكم على باب المدينة؛ فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي.

42- فقيل له: كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال، ثم صلوا.

[45]

43- فيكون عيسى ابن مريم عليه السلام في أمتي حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدق الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره.

44- وتفرُّ الوليدة الأسد فلا يضرّها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها.

45- وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثورة الفضة تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، يكون الثور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدريهمات.

46- قالوا: يا رسول الله! وما يرخص الفرس؟ قال: لا تركب لحرب أبداً.

47- قيل: فما يغلي الثور؟ قال: تحرث الأرض كلها.

48- وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرا، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله

[46]

السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كلها، فلا تنبت خضراء، فلا تبق ذات ظلف إلا هلكت؛ إلا ما شاء الله.

49- قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام).

[47]

تخريج الحديث

أخرجه بهذا التمام ابن ماجه (2/512-516)

والروياني باختصار (30/8/-0/ و10/1)

عن إسماعيل بن رافع عن أبي زرعة السيباني يحيى ابن أبي عمرو [عن عمرو بن عبد الله الحضرمي] عن أبي أمامة الباهلي قال:

خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثاً حدثناه عن الدجال وحذرناه، فكان من قوله أن قال: فذكره بطوله.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن عبد الله الحضري لم يرو عنه غير السيباني، ولم يوثقه غير ابن حبان (1/185)، ولذلك قال الحافظ:

((مقبول)).

وإسماعيل بن رافع ضعيف الحفظ.

لكنه قد تابعه ضمرة بن ربيعة: نا السيباني به؛ إلا قوله:

((قالوا: يا رسول الله ! وما يرخص الفرس.... )) إلى آخر الحديث.

أخرجه حنبل بن إسحاق الشيباني- ابن عم الإمام أحمد – في ((الفتن)) (ق52/1-53/2) وتمامه في ((الفوائد)) ((3/37/1- 38/1 ) والآجري في ((الشريعة))  (ص375) – ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على حديث النواس الآتي- وابن أب عاصم في ((السنة)) (رقم 391- بتحقيقي) ، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ص138-13) ، وأبو داود (2/213)،

[48]

والطبراني في ((المعجم الكبير)) (8/7645 و25/295/48)، وابن عساكر في ((التاريخ)) (1/611-614/ط).

قلت: وضمرة بن ربيعة قال الحافظ:

((صدوق، يهم قليلاً)).

وتابعه أيضاً عطاء الخراساني عن يحيى به؛ إلا قوله:

((ثم صلوا، فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكماً ... )) إلى آخر الحديث أخرجه الحاكم (4/536-537) وقال:

((صحيح على شرط مسلم))! ووافقه الذهبي!

قلت: وهذا من أوهامهما، فإن عمراً الحضرمي لم يخرج له مسلم شيئاً وعطاء- وهو ابن أبي مسلم الخراساني- وإن أخرج له مسلم، فهو يهم كثيراً ويدلس، وقد عنعنه، فأنّى لإسناده الصحة؟!

[49]

القسم الثالث

تخريج فقرات القصة

لكن الحديث غالبه صحيح قد جاء مفرقاً في أحاديث؛ إلا قليلاً منه، فلم أجد ما يشهد له أو يُقويه؛ كما سيأتي بيانه، ولتسهيل توضيح ذلك على القارئ وتخريجه علي؛ جعلته فقرات بأرقام متسلسلة، فأقول:

  1. 1-جاءت هذه الفقرة في أحاديث:  

الأول عن هشام بن عامر مرفوعاً بلفظ:

((ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال

(وفي رواية: فتنة أكبر من فتنة الدجال) )).

أخرجه مسلم (8/207)، والحاكم (4/528)، وأحمد (4/20و21)، والرواية الأخرى إحدى روايتيه، وهي رواية الحاكم، وزاد:

((عند الله)). وقال:

((صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)).

كذا قال، ولعله يعني بلفظه المشار إليه؛ وإلا فمسلم قد أخرجه كما ذكرته، وأخرجه الداني أيضاً (176/2-177/1)، وزاد: ((قد أكل الطعام، ومشى في الأسواق)).

[50]

الثاني: عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما أهبط اله تعالى إلى الأرض- منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة- فتنة أعظم من فتنة الدجال ، وقد قلت فيه قولاً لم يقله أحد قبلي:

إنه آدم جعد، ممسوح عين اليسار، على عينه ظفرة غليظة، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويقول: أنا ربكم. فمن قال: ربي الله، فلا فتنة عليه، ومن قال: أنت ربي. فقد افتتن، يلبث فيكم ما شاء الله، ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدقاً بمحمد صلى الله عليه وسلم على ملته، إماماً مهديّاً، وحكماً عدلاً، فيقتل الدجال)).

فكان الحسن يقولك ونرى ذلك عند الساعة.

رواه الطبرني في ((الكبير)) و((الأوسط))، ورجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف ما لا يضر؛ كما قال في ((مجمع الزوائد)) (7/336).

ولجملة العين شاهد من حديث أنس بلفظ:

((إن الدجال أعور العين الشمال، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه: كافر)).

رواه أحمد (3/115 و201) بسند صحيح.

الثالث: عن حذيفة قال:

ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

((لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدال، ولن ينجو أحد مما

[51]

قبلها إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا – صغيرة ولا كبيرة- إلا لفتنة الدجال)).

أخرجه أحمد (5/389)، وابن حبان (1897)(1).

قلت: وإسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين، وقال الهيثمي (7/335):

((رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال (الصحيح) )).

الرابع: عن جابر بن عبد الله، ويأتي حديثه (ص89-90).

2-ويشهد لهذه الفقرة أحاديث:

الأول: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال:

(( إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه؛ [لقد أنذره نوح قومه]، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه: [تعلّموا] أنه أعور، وإن الله ليس بأعور)).

أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (11/390/20820)، وعنه أحمد (2/149)،

[52]

والبخاري (13/80-81فتح)، والسياق له، ومسلم (8/193)، والزيادتان له، وكذا الترمذي (2236)، وأبو داود (4757)، وابن منده في ((الإيمان)) (96/2) من طريق سالم بن عبد الله عنه ، والخطيب في ((التاريخ)) (7/183-184).

وفي رواية لأحمد (2/135)، وابن منده (97/1) من طريق محمد بن زيد أبي عمر بن محمد قال: قال عبد الله: فذكره نحوه بلفظ:

((ما بعث الله من نبي إلا قد أنذره أمته؛ لقد أنذره نوح صلى الله عليه وسلم أمته، والنبيون عليهم الصلاة والسلام من بعده، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور)).

قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

ورواه ابن حبان (1896)، وابن منده في ((التوحيد)) (82/2) من طريق ثالثة عنه نحوه، وزاد:

((وأنه بين عينيه مكتوب: كافر؛ يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب)).

وسنده صحيح.

وروى البخاري (3440)، ومسلم (1/107) من طريق نافع عن ابن عمر في حديث طويل وفيه:

((إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى؛ كأن عينه عنبة طافية)) وهو مخرج في ((الصحيحة)) (1857).

[53]

الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب،  ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر؛ [يقرؤه كل مسلم] )).

أخرجه البخاري (13/85)، ومسلم (8/195)، وأبو داود (2/213)، والترمذي (2246) وصححه، وأحمد (3/103 و173 و276 و290)، وحنبل (ق51/2)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص32)، وابن منده (97/1)، والزيادة لمسلم وأحمد وغيرهما.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري في ((المجمع)) (7/336-337)، وأسماء بنت يزيد الأنصارية؛ وسيأتي إن شاء الله (ص75-77)، وعن عائشة؛ ويأتي قريباً (ص59)، وعن أم سلمة أيضاً (ص60).

2-هذه الفقرة جاءت مفرقة في حديثين أو أكثر:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلت: وذكر حديث فضل الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم)، ((فإني آخر الأنبياء،  وإن مسجدي آخر المساجد)).

آخرجه مسلم (4/135).

وشواهده كثيرة جداً؛ كالحديث المشهور في حق علي:

((أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي)).

أخرجه أحمد والشيخان وغيرهما من طرق، ولا مجال لذكرها الآن.  

[54]

الثاني: عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((نحن آخر الأمم، وأول من يحاسب، يقال: أين الأمة الأمية؟ فنحن الآخرون الأولون)).

أخرجه ابن ماجه(2/575).

قلت: وإسناده صحيح؛ كما قال البوصيري في ((زوائده)) (265/1).

الثالث: عن معاوية بن حيدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((إنكم وفّيتم سبعين أمة، أنتم آخرها، وأكرمها على الله عز وجل)).

أخرجه الدارمي (2/313)، وأحمد (5/3و5).

قلت: وإسناده حسن، وهو في ((المشكاة)) (6294) بنحوه.

4- لم أجد لهذه الفقرة شاهداً من لفظها، وأقرب شيء رأيته حديث أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق يقول:

((يخرج أعور الدجال مسيح الضلالة قِبَلَ المشرق في زمن اختلاف الناس وفرقة، فيبلغ ما شاء الله أن يبلغ من الأرض في أربعين يوماً- الله أعلم ما مقدارها- فيلقى المؤمنون شدة شديدة، ثم ينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء، فيؤم الناس(2)، فإذا رفع رأسه من ركعته قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله المسيح الدجال، وظهر المسلمون)).

[55]

فأحلف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا القاسم الصادق المصدوق قال:

((إنه لحق، وإما إنه قريب، فكل ما هو آتٍ قريب)).

قال الهيثمي(7/349):

((رواه البزار، ورجاله رجال ((الصحيح))؛ غير علي بن المنذر، وهو ثقة)).

وقال الحافظ (13/85):

((إسناده جيد)) (3).

والأحاديث المصرّحة بخروجه كثير؛ سيأتي بعضها إن شاء الله تعالى؛ لكن ليست فيها لفظ مؤكدة كقوله: ((لا محالة))؛ أو: ((إنه لحق))؛ بل إن أحاديث الدجال كلها تؤكد خروجه، وحديثه صلى الله عليه وسلم كله حق وصدق؛ سواء كان مقروناً بصيغة من صيغ التأكيد أو لا، ?وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى? [النجم: 3و4].

نعم روى الداني في ((الفتن)) (141/1) عن الحسن مرسلاً في عيسى عليه السلام:

((وإنه نازل لا محالة، فإذا رأيتموه فاعرفوه ... )).

والحديث أخرجه ابن حبان أيضاً (1904) عن صالح بن عمر: أنبأنا عاصم بن كليب عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقولك فذكره دون قوله: ((أحلف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... )).

وإسناده صحيح.

[56]

وجملة الغضبة أخرجها مسلم (8/194)، وابن حبان (6755)، وأحمد (6/284).

5- لهذه الفقرة شواهد كثيرة؛ أذكر منها ما تيسّر:

الأول: عن النواس بن سمعان قال:

ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال:

((غيرُ الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم؛ فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.

إنه شاب قَطط، عينه طافئة؛ كأني أشبّهه بعبد العزى بن قطن.

فمن أدركه منكم؛ فليقرأ عليه فواتح سورة (الكهف)؛ [فإنها جواركم من فتنته].

إنه خارج خلةً بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله! فاثبتوا)).

قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟

قال: ((أربعون يوماً؛ يوماً كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم)).

قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة؛ أتكفينا فيه صلاة يوم؟

[57]

قال: ((لا؛ اقدروا له قدره)).

قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟

قال: ((كالغيث استدبرته الريح.

فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر.

ثم يأتي القومَ فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم.

ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.

ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك.

فبينما هو كذلك؛ إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهى حيث ينتهي طرفه.

فيطلبه حتى يدركه بباب (لدّ) فيقتله، ثم يأتي عيسى ابنَ مريمَ قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك؛ إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ

[58]

بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرةً ماءً. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه؛ حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغبُ نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النّغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابهم إلى الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيراً كأعناق البُخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لا يكنُّ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمركتك، وردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرّمانة، ويستظلون بقحفها، ويُبارك في الرّسل؛ حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لكتفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة)).

أخرجه مسلم (8/197-198)، وأبو داود(2/213)- ببعض اختصار، والزيادة له، وإسناده صحيح- والترمذي (2241)، وابن ماجه (2/508-512)، والأجري في ((الشريعة)) (ص376)، وأحمد (4/181-182)، وحنبل (49/1-51/1)، وابن منده في ((الإيمان)) (94/1)، وابن عساكر (1/606-609).

[59]

الثاني: عن جبير بن نفير عن أبيه مرفوعاً مثله؛ دون قوله:

(قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض .... ).

أخرجه الحاكم (4/530-531) وقال:

((صحيح الإسناد)). ووافقه الذهبي.

وأقول: بل هو صحيح على شرط مسلم، رجاله كلهم ثقات من رجاله.

وقال الهيثمي (7/351):

((رواه الطبري، وفيه عبد الله بن صالح، وقد وثّق، وضعفه جماعة، وبقية رجال ثقات)).

وذكره في مكان آخر (7/347-348) إلى قوله: ((والله خليفتي على كل مسلم))، وقال:

((رواه البزار، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد وثّق، وضعّفه جماعة، وبقية رجاله رجال (الصحيح) )).

قلت: هو عند الحاكم من غير طريق ابن صالح، فصح الحديث، والحمد لله.

الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت:

دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال لي: ((ما يبكيك؟))، قلت: يا رسول الله! ذكرت الدجال فبكيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((إن يخرج الدجال وأنا حي كفيتكموه، وإن يخرج بعدي؛ فإن ربكم

[60]

ليس بأعور، إنه يخرج في يهودية أصبهان، حتى يأتي المدينة، فينزل ناحيتها، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كل نقب منها ملكان، فيخرج إليه أشرار أهلها، حتى يأتي فلسطين باب لد، فينزل عيسى عليه السلام، فيقتله، ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض أربعين سنة إماماً عدلاً، وحكماً مقسطاً)).

أخرجه ابن حبان (1905)، وأحمد (6/75)، وابنه في ((السنة)) (ص136)، وابن منده (97/2)، والداني (142/2) عن يحيى بن أبي كثير قال:حدثني الخصرمي بن لاحق: أن ذكوان أبا صالح أخبره: أن عائشة أخبرته: فذكره.

قلت: وهذا إسناد صحيح؛ قال الهيثمي (7/338):

((ورجاله رجال ((الصحيح))؛ غير الخصرمي بن لاحق، وهو ثقة)).

الرابع: عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

ذكرت المسيح الدجال ليلة فلم يأتني النوم، فلما أصبحت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:

((لا تفعلي؛ فإنه إن يخرج وأنا حي؛ يكفيكموه الله بي، وإن يخرج بعد أن أموت؛ يكفيكموه الله بالصالحين))، ثم قال:

((ما من نبي إلا وقد حذر امته الدجال، وإني أحذركموه: إنه أعور، وإن الله ليس بأعور، إنه يمشي في الأرض، وإن الأرض والسماء لله، ألا إن المسيح عينه اليمنى كأنها عنبة طافية)).

أخرجه ابن خزيمة (ص32).

[61]

قلت: وإسناده على شرط مسلم، وقال الهيثمي (7/351):

((رواه الطبراني، ورجاله ثقات؛ إلا أن شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن نافع الطحان لم أعرفه)).

قلت: إسناد ابن خزيمة سالم منه، ولذا قال الحافظ ابن كثير (1/138):

((قال الذهبي: إسناده قوي)).

6- هذه الفقرة ثبتت من حديث النواس ونفير والد جبير، وقد سبقا في الفقرة السابقة.

7- وفيها أحاديث:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال ما حدّث به نبي قومه؟ إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول: إنها الجنة. هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه)).

أخرجه البخاري (6/286)، ومسلم (8/196)، والداني في ((الفتن)) (ق127/1)، وحنبل (49/1).

وأخرجه الطيالسي (2/218/2779) من طريق أخرى عنه.

الثاني: عن عائشة مرفوعاً بلفظ:

((أما فتنة الدجال؛ فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته، وسأحذركموه

[62]

تحذيراً لم يحذره نبي أمته: إنه أعور، والله عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: كافر؛ يقرؤه كل مؤمن)).

أخرجه أحمد (6/139-140)، وابن منده (97/2و100/1).

قلت: وإسناده صحيح.

الثالث: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إنه لم يكن نبي قبلي إلا وصفه لأمته، ولأصفنّه صفة لم يصفها من كان قبلي: إنه أعور، والله تبارك وتعالى ليس بأعور، عينه اليمنى كأنها عنبة طافية)).

أخرجه أحمد (2/27)، وابنه في ((السنة)) (140) عن ابن إسحاق عن نافع عنه.

وتابعه جويرية عن نافع به نحوه وزاد.

وأخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عنه نحوه، وقد مضى (ص51):

الرابع: عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( لأصفن الدجال صفة لم يصفها من كان قبلي: إنه أعور، والله عز وجل ليس بأعور)).

أخرجه أحمد (1/176و182)، وابنه في ((السنة)) (137)، والداني (130/2) عن محمد بن إسحاق عن داود بن عامر بن سعد بن مالك عن أبيه عن جده.

[63]

ورجاله ثقات؛ لولا أن ابن إسحاق مدلس، ومن طريقة أخرجه أبو يعلى، وكذا البزار؛ كما في ((المجمع)) (7/337).

الخامس: عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((ألا كل نبي قد أنذر أمته الدجال، وإنه يومه هذا قد أكل الطعام، وإني عاهد عهداً لم يعهده نبي لأمته قبلي: ألا إن عينه اليمنى ممسوحة الحدقة جاحظة، فلا تخفى، كأنها نخاعة في جنب حائط، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه مثل الجنة ومثل النار، فالنار روضة خضراء، والجنة غبراء ذات دخان... )) الحديث بطوله، وفيه قصة المؤمن الذي يقتله الدجال ثم يحييه، ثم لا يستطيع قتله، وستأتي.

أخرجه حنبل (47/1-2)، وعبد بن حميد (118/2)، وأبو يعلى (ق63/1-مصورة المكتب)، وابن عساكر (1/610-611)، والحاكم (4/537-539) وقال:

((هذا أعجب حديث في ذكر الدجال، تفرد به عطية بن سعد عن ابي سعيد الخدري، ولم يحتج الشيخان بعطية)).

قلت: وذلك لضعفه؛ قال الهيثمي (7/337) وقد عزاه للبزار أيضاً:

((وقد وثّق)).

قلت: لكن قد تابعه مجالد عن أبي الوداك قال: قال لي أبو سعيد: هل يقرّ الخوارج بالدجال؟ فقلت: لا. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[64]

((إني خاتم ألف نبي، وأكثر، ما بعث نبي إلا قد حذر أمته الدجال، وإني قد بُيّن لي من أمره ما لم يبين لأحد، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة ... )) الحديث إلى قوله: ((ذات دخان)).

أخرجه أحمد (3/79).

قلت: ومجالد ليس بالقوي، وأبو الوداك خير منه، فالحديث حسن بمجموع الطريقين. والله أعلم.

وقد رواه غير مجالد عن أبي الوداك بلفظ آخر، وسيأتي (ص80).

السادس: عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( ما من نبي إلا قد حذر أمته الدجال، ولأخبرنكم منه بشيء ما أخبر به أحد كان قبلي))، ثم وضع يده على عينيه، فقال:

((أشهد أن الله عز وجل ليس بأعور)).

أخرجه الحاكم (1/24)، وابن منده في ((التوحيد)) (82/2) وقال:

((وهذا إسناد مشهور الرواة)).

قلت: وإسناده جيد ورجاله ثقات، وقد علقه ابن منده من حديث ابن عمر نحوه، وفيه: ((وأشار بيده إلى عينيه)) (4).

[65]

ومن طريق أخرى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إني لخاتم ألف نبي .... )) الحديث مثل الذي قبله دون قوله: ((وعينه اليمنى ... )) إلخ (5).  

قال الهيثمي (7/347):

((رواه البزار، وفيه مجالد بن سعيد، وقد ضعفه الجمهور، وفيه توثيق)).

وقال الحافظ ابن كثير في ((النهاية)) (1/128):

((وإسناده حسن، ولفظه غريب جداً)).

8- لم أجد لهذه الفقرة شاهداً معتبراً، فقد روى سليمان بن شهاب قال:

نزل عليّ عبد الله بن  مَغْنَم- وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

[66]

((الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق، فيدعو لي، فيتبع، وينصب للناس فيقاتله، ويظهر عليهم، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة، فيظهر دين الله، ويعمل به، فيتبع، ويحب على ذلك، ثم يقول بعد ذلك : إني نبي. فيفزع من ذلك كل ذي لبّ ويفارقه، فيمكث بعد ذلك حتى يقول: أنا الله. فتغشى عينه، وتقطع أذنه، ويكتب بين عينه : كافر... )) الحديث.

قال الهيثمي (7/340-341):

((رواه الطبراني، وفيه سعيد بن محمد الوراق، وهو متروك)).

قلت: لكن قال الحافظ في ((التقريب)):

((ضعيف))، ولذلك قال في ((الفتح)) (13/77):

((سنده ضعيف))، فلم يبالغ في تضعيفه، ولكلّ وجهة وسلف. والله أعلم.

ومن طريقه أخرجه ابن عساكر (1/217-218).

ثم وجد له شاهداً قويّاً من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

((بين يدي الساعة قريب من ثلاثين دجالين كذابين كلهم يقول: أنا نبي، أنا نبي)).

أخرجه أحمد (2/429) بهذا اللفظ، والشيخان وغيرهما بنحوه وإسناد أحمد صحيح.

ووجه دلالة الحديث وشهادته لهذه الفقرة؛ أن الظاهر أن المسيح الدجال من جملة هؤلاء- بل هو شرهم- ويؤيد ما ذكرت حديث سمرة مرفوعاً:

[67]

والله؛ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال... )) الحديث.

وفي سنده ضعف.

9-هذه الفقرة- دون التثنية- وردت في أحاديث:

الأول: عن عمر بن ثابت الأنصاري: أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حذّر الناس الدجال:

((إنه مكتوب بين عينيه: كافر؛ يقرؤه من كره عمله، أو يقرؤه كل مؤمن))، وقال:

((تعلّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت)).

أخرجه مسلم (8/193)، وعبد الرزاق في المصنف (20820)، وعنه الترمذي (2236) وصححه، وكذا أحمد (5/433)، والداني (129/1-2) دون قوله:

((أو يقرؤه كل مؤمن)).

الثاني: عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا: إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج، دعج، مطموس العين، ليست بناتئة ولا حجراء، فإن التبس عليكم؛ فاعلموا أن ربكم عز وجل ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)).

[68]

أخرجه أبو داود (2/213)، والآجري في ((الشريعة)) (ص375)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/157و221و9/235)، وابن منده في ((التوحيد)) (83/1).

قلت: وإسناده جيد، رجاله كلهم ثقات. وقال الهيثمي (7/348):

((رواه البزار، وفيه بقية، وهو مدلس)).

قلت: قد صرح بالتحديث عند أبي نعيم في رواياته الثلاث المشار إليها، وابن منده، وكذا عند أبي داود؛ إلا أنه لم يقع في روايته موضع الشاهد منه.

وهو قوله:

((وإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)).

10- هذه الفقرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قد وردت عن جمع من الصحابة، تقدم تخريج أحاديث أكثرهم، فأكتفي بالإشارة إلى محالها:

الأول: عبد الله بن عمر (ص 51و52و62).

الثاني: أنس بن مالك (ص53).

الثالث: عائشة (ص59و61).

الرابع: أم سلمة (ص60).

الخامس: سعد بن أبي وقاص (ص62).

السادس: أبو سعيد الخدري (ص64).

السابع: جابر بن عبد الله (ص64).

[69]

الثامن: عبادة بن الصامت (ص67).

التاسع: أسماء بنت يزيد الأنصارية، ويأتي حديثها (ص57-76).

العاشر: رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويأتي أيضاً (ص71).

الحادي عشر: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((الدجال: هو أعور هجان، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، فإمّا هلك الهُلك؛ فإن ربكم ليس بأعور)).

أخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص31)، وابن حبان (1900)، وأحمد (1/240و313)، وابنه في ((السنة)) (ص137)، والطبراني في ((الكبير)) (11711)، وحنبل في ((الفتن)) (45/1)، وابن منده في ((التوحيد)) (83/1).

قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.

11- جاءت هذه الفقرة عن جمع من الصحابة:

الأول: أنس بن مالك، وقد مضى حديثه (ص53).

الثاني: عائشة، وقد مضى حديثها (ص61).

الثالث: بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم، وقد مضى حديثه (ص67).

الرابع: عبد الله بن عمر، وقد مضى حديثه (ص52).

الخامس: حذيفة بن اليمان، وقد مضى حديثه (ص51 حاشية).

السادس: نفير والد جبير، وسبق تخريج حديثه (ص59).

[70]

السابع: أبو بكرة الثقفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الدجال أعور عين الشمال، بين عينيه مكتوب: كافر؛ يقرؤه الأمي والكاتب)).

أخرجه أحمد (5/38).

قلت: وإسناده صحيح، وقال الهيثمي (7/337):

((ورجاله ثقات)).

الثامن: عن سفينة، ويأتي (ص73).

التاسع: عن جابر بن عبد الله، ويأتي أيضاً (ص71-73).

العاشر: عن أسماء بنت يزيد الأنصارية، ويأتي (ص75-76).

12- هذه الفقرة متواترة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وردت في أحاديث أكثر الصحابة الذين أشرت إلى أحاديثهم آنفاً.

13- وهذه وردت عن جماعة من الصحابة:

الأول: حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار)). زاد في رواية : ((فمن دخل نهره حط أجره، ووجب وزره، ومن دخل ناره وجب أجره، وحُط وزره)).

أخرجه مسلم (8/195)، وابن ماجه (2/506)، وأحمد (5/397).

[71]

والرواية الأخرى له (5/403)، وسندها حسن، وصححه الحاكم (4/433)، ووافقه الذهبي، ورواه أبو داود (4244)، وهو مخرج في ((المشكاة)) (رقم 5396/التحقيق الثاني).

الثاني: رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((أنذرتكم فتنة الدجال، فليس من نبي إلا أنذره قومه أو أمته: وإنه آدم، جعد، أعور عينه اليسرى، وإنه يمطر ولا ينبت الشجرة، وإنه يسلط على نفس فيقتلها، ثم يحييها، ولا يسلط على غيرها.

وإنه معه جنة ونار، ونهر وماء، وجبل خبز، وإن جنته نار، وناره جنة.

وإنه يلبث فيكم أربعين صباحاً يرد فيها كل منهل؛ إلا أربع مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، والطور، ومسجد الأقصى، وإن شكل عليكم أو شبه؛ فإن الله عز وجل ليس بأعور)).

أخرجه أحمد (5/434و435)، وحنبل (54/2-55/2).

قلت: وإسناده صحيح، وروى ابن منده في ((التوحيد)) (83/1) طرفه الأول؛ وزاد:

((فاعلموا أن الله عز وجل ليس بأعور، ليس الله بأعور، ليس الله بأعور)). وقال: ((إسناده مقبول الرواة بالاتفاق)).

الثالث: عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((يخرج الدجال في خفّة من الدين، وإدبار من العلم، فله أربعون ليلة

[72]

يسيحها في الأرض؛ اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه.

وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً.

فيقول للناس: أنا ربكم. وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: كافر- ك ف ر؛ مهجّاة- يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب.

يرد كل ماء ومنهل؛ إلا المدينة ومكة؛ حرّمهما الله عليه، وقامت الملائكة بأبوابها.

ومعه جبال من خبز، والناس في جهد؛ إلا من تبعه.

ومعه نهران- أنا أعلم بهما منه- نهر يقول: الجنة، ونهر يقول: النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهو النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهو الجنة.

(قال): ويبعث الله معه شياطين تكلم الناس، ومعه فتنة عظيمة؛ يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس.

ويقتل نفساً، ثم يحييها فيما يرى الناس، لا يسلط على غيرها من الناس، ويقول: أيها الناس! هل يفعل مثل هذا إلا الرب عز وجل؟! قال:

فيفرّ المسلمون إلى جبل الدخان بالشام، فيأتيهم، فيحاصرهم، فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهداً شديداً.

ثم ينزل عيسى ابن مريم، فينادي من السحر فيقول: يا أيها الناس!

[73]

ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل جني. فينطلقون، فإذا هم بعيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فتقام الصلاة، فيقال تقدم: يا روح الله! فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم. فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه، قال: فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة والحجر ينادي: يا روح الله! هذا يهودي. فلا يتركم من كان يتبعه أحداً إلا قتله)).

أخرجه أحمد (3/367-368) : ثنا محمد بن سابق: ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر.

وأخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص31-32)، والحاكم (4/530) من طريقين آخرين عن إبراهيم به مختصراً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال(( الصحيح))؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه، ومع ذلك قال الحاكم:

((صحيح الإسناد))! ووافقه الذهبي!

الرابع: عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

((إلا إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد حذر الدجال أمته: هو أعور عينه اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه: كافر، يخرج معه واديان: أحدهما جنة، والآخر نار، فناره جنة، وجنته نار... ثم يسير حتى

[74]

يأتي الشام، فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق)).

أخرجه أحمد (5/221-222)، وحنبل في ((الفتن)) (49/1)، وابن عساكر (1/617).

قلت: وإسناده حسن في الشواهد، وقال ابن كثير في ((النهاية)) (1/124): ((وإسناده لا بأس به))!

الخامس: عن أبي هريرة، وقد مضى لفظه مخرجاً (ص61).

14-هذه الفقرة وردت في حديثين دون الاستغاثة:

الأول: عن النواس بن سمعان، وقد مضى (ص56-58).

الثاني: عن نفير والد جبير، وقد مضى (ص59).

15- لم أجد الآن ما يشهد لهذه الفقرة، ولو ثبتت فهي صريحة في أن نار الدجال نار حقيقية، وليست تمويلهاً منه لعنه الله.

نعم روى الداني في ((الفتن)) (134/2) عن الأصبغ بن نباتة عن علي في حديث له موقوفاً:

((فمن ابتُلي بناره؛ فليقرأ آخر سورة (الكهف) تصير عليه النار برداً وسلاماً ... وأشياعه يومئذ أصحاب الربا- العشرة باثني عشرة - وأولاد الزنا)).

لكن الأصبغ هذا متروك شديد الضعف، فلا يصلح للاستشهاد به.

[75]

16- هذه الفقرة يشهد لها حديثان:

الأول: حديث أسماء بنت يزيد الأنصارية؛ يرويه شهر بن حوشب عنها قالت:

أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم . في طائفة من أصحابه، فذكر الدجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن قبل خروجه ثلاث سنين؛ تمسك السماء السنة الأولى ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والسنة الثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها، والسنة الثالثة تمسك السماء ما فيها والأرض ما فيها، حتى يهلك كل ذي ضرس وظلف.

وإن من أشد فتنة أن يقول للأعرابي: أرأيت إن أحييت لك إبلك عظيمة ضروعها طويلة أسنمتها تجتر؛ تعلم أني ربك؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيتمثل له الشياطين [على صورة إبله، فيتبعه]، قال: ويقول للرجل: أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك وأمك؛ أتعلم أني ربك؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيتمثل له الشيطان [على صورهم، فيتبعه].

قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، فوضَعْتُ له وضوءاً، فانتحب القوم حتى ارتفعت أصواتهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحمتي (وفي رواية: عضادتي) الباب، فقال: ((مهيم؟)). [وكانت كلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سأل عن أمر يقول: ((مهيم))، قالت أسماء:] فقلت: يا رسول الله! خلعتَ

[76]

قلوبهم بالدجال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(([ليس عليكم بأس]، إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه، وإن متّ؛ فالله خليفتي على كل مؤمن)).

[قالت: قلت: أمعنا يومئذٍ قلوبنا هذه يا رسول الله؟

قال: ((نعم؛ أو خير، إنه توفى إليه ثمرات الأرضين وأطعمتها)).

قالت: والله؛ إن أهلي ليختمرون خميرتهم؛ فما يدرِك حتى أخشى أن أفتن من الجوع]، وما يجزي المؤمنين يومئذٍ؟

قال: ((يجزيهم ما يجزي أهل السماء)).

[قالت: يا نبي الله! ولقد علمنا أن لا تأكل الملائكة ولا تشرب.

قال: ((ولكنهم يُسبّحون ويقدّسون، وهو طعام المؤمنين يومئذ وشرابهم]؛ التسبيح والتقديس، [فمن حضر مجلسي وسمع قولي؛ فليبلغ الشاهد الغائب، واعلموا أن الله صحيح ليس بأعور، وأن الدجال أعور، ممسوح العين، بين عينيه مكتوب: كافر؛ فيقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب])).

أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (11/391/20821)، والطيالسي (2/217/2775)، وأحمد (6/453 و454 و455)، وحنبل بن إسحاق الشيباني في ((الفتن)) (ق45/1-2 و46/1)، وابن عساكر في ((التاريخ)) (1/616-617)، وعبد الله في ((السنة)) (141)، وكذا أبو عمرو الداني في ((الفتن)) (126/1) طرفه الأخير من طرق عن شهر به.

[77]

وقال ابن كثير (1/135):

((وهذا إسناد لا بأس به)).

وفي رواية لأحمد (6/454)، وحنبل(54/1-2)، وعبد الرزاق أيضاً (20822) من طريق ابن خيثم عن شهر به مرفوعاً بلفظ:

((يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة؛ السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار)).

وقال الهيثمي (7/347):

((رواه الطبراني، وفيه شهر بن حوشب، ولا يحتمل مخالفته للأحاديث الصحيحة: أنه يلبث في الأرض أربعين يوماً. وفي هذا أربعين سنة. وبقية رجاله ثقات)).

الثاني: حديث جابر المتقدم (ص71-73)، وفيه:

((ويبعث الله معه شياطين تكلّم الناس)).

17- فيها أحاديث:

الأول: عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدال، فقال فيما يحدثا:

((يأتي الدجال، وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فيخرج إليه رجل [يمتلئ شباباً] يومئذٍ [من المؤمنين]، هو خير الناس أو من خيرهم؛

[78]

فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته؛ أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيقتله ثم يحييه، يقول حين يحيى: والله؛ ما كنت قط أشد بصيرة فيك مني الآن! قال: فيريد قتله الثانية، فلا يسلط عليه)).

أخرجه عبد الرزاق (20824): أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن أبا سعيد الخدري قال: فذكره، وزاد:

((قال معمر: وبلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس. وبلغني أنه الخضر؛ الذي يقتله الدجال ثم يحييه)).

ومِن طريق عبد الرزاق ابنُ حبان (6763).

وأخرجه أحمد (3/36) أيضاً عن عبد الرزاق دون قول معمر المذكور.

وكذلك أخرجه البخاري (13/86-88)، ومسلم (8/199)، وابن منده (95/1) من طرق أخرى عن الزهري به، وزاد مسلم:

((قال أبو إسحاق: يقال: إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام)).

قلت: وأبو إسحاق هذا إنما هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد، راوي ((صحيح مسلم)) عنه؛ كما جزم به الحافظ (13/88-89) تبعاً لعياض والنووي وغيرهما.

قلت: وسلفه في ذلك بلاغ معمر المتقدم، ولا حجة فيه؛ لأنه بلاغ لا يُدرى قائله، ولو دري فهو مقطوع، والخضر قد مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم

[79]

ولم يدركه؛ على ما هو الراجح عند المحققين، ولذلك قال ابن العربي:

((سمعت من يقول: إن الذي يقتله الدّجال هو الخضر. وهذه دعوى لا برهان لها)).

الثاني: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى(ص71)، وفيه:

((وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها، ولا يسلط على غيرها)).

الثالث: عن النواس بن سمعان، وقد مضى (ص56-58)، وفيه:

((ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك)).

الرابع: عن عبد الله بن مغنم، وقد مضى طرف حديثه الأول (ص66)، وتمامه:

((ثم يدعو برجل – فيما يرون- فيؤمر به فيقتل، ثم يقطع أعضاءه كل عضو على حدة، فيفرق بينها حتى يراه الناس، ثم يجمع بينها، ثم يضرب بعصاه فإذا هو قائم، فيقول: أنا الله أحيي وأميت. وذلك كله سحر يسحر به أعين الناس؛ ليس يعمل من ذلك شيئاً)).

قلت: وسنده ضعيف، وهو بهذا السياق منكر. والله أعلم.

الخامس: عن عبد الله بن عمرو، ويأتي في الفقرة التالية.

[79]

18- فيها حديثان:

الأول: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((يخرج الدجال، فيتوجه قبَلَه رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح- مسالح الدجال- فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له: أوَ ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيهاالناس! هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فيأمر الدجال به فيُشبّح، فيقول: خذوه وشبحّوه. فيوسع ظهره وبطنه ضرباً، قال: فيقول: أوَ ما تؤمن بي؟ قال:فيقول: أنت المسيح الكذاب. قال: فيؤمر به، فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم. فيستوى قائماً، قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة. قال: ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً، فلا يستطيع إليه سبيلاً، قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة)). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين)).

أخرجه مسلم (8/200)، وابن منده (95/1) من طريق قيس بن وهب عن أبي الوداك عنه.

[81]

وأخرجه الحاكم وغيره ممن سبق (ص63) من طريق عطية عنه نحوه.

والآخر: عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال في الدجال:

((ما شبه عليكم منه فإن الله ليس بأعور، يخرج فيكون في الأرض أربعين صباحاً، يرد منها كل منهل؛ إلا الكعبة، وبيت المقدس، والمدينة، الشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، ومعه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار، معه جبل من خبز، ونهر من ماء.

يدعو رجلاً فلا يسلطه الله إلا عليه، فيقول: ما تقول فيّ؟ فيقول: أنت عدو الله، وأنت الدجال الكذاب. فيدعو بمنشار، فيضعه حذو رأسه، فيشقه حتى يقع على الأرض، ثم يحييه، فيقول: ما تقول؟ فيقول: والله؛ ما كنت أشد بصيرة مني فيك الآن، أنت عدو الله الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فيهوي إليه بسيفه فلا يستطيعه، فيقول: أخرّوه عني)).

قال الهيثمي (7/350):

((رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم)).

ولذلك استغربه الذهبي؛ كما نقله عنه الحافظ ابن كثير في ((النهاية)) (1/134).

(تنبيه): في هذين الحديثين أن الرجل المؤمن ينشره الدجال بالمنشار، وفي حديث النواس المتقدم أنه ((يضربه بالسيف فيقطعه جزلتين)).

فقال الحافظ (13/87): قال ابن العربي:

[82]

((فيجمع بأنهما رجلان يقتل كلاً منهما قتلة غير قتلة الآخر)).

قال الحافظ:

((كذا قال، والأصل عدم التعدد، ورواية المئشار تفسر رواية الضرب بالسيف، فلعل السيف كان فيه فلول فصار كالمئشار، وأراد المبالغة في تعذيبه بالقتلة المذكورة، ويكون قوله: ((فضربه بالسيف)) مفسراً لقوله: إنه نشره، وقوله: ((فيقطعه جزلتين))؛ إشارة إلى آخر أمره لما ينتهي نشره)).

19- يشهد لها حديثان:

الأول: حديث النواس بن سمعان المتقدم (ص56-58).

والآخر: حديث أسماء بنت يزيد الأنصارية المتقدم أيضاً (ص75-76).

20- يشهد لها أيضاً الحديثان المشار إليهما آنفاً.

21- يشهد لها أيضاً الحديثان المشار إليهما.

22- هذه الفقرة جاءت في أحاديث جماعة من الصحابة:

الأول: أنس بن مالك، وسيأتي حديثه في تخريج الفقرة (24) (ص90).

الثاني: فاطمة بنت قيس في قصة الجساسة والدجال(6) من رواية تميم الداري، وفيه أن الدجال قال:

[83]

((وإني مخبركم عني: إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض، فلا أع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة؛ غير مكة وطيبة، فهما محرمتان عليّ كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة- أو: واحداً- منهما؛ استقبلني ملكٌ بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وطعن مخصرته في المنبر - : هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة( يعني: المدينة)، ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ )). فقال الناس: نعم.

قال: ((فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة)).

أخرجه مسلم (8/205)، وأحمد (6/413 و418)، وكذا الطيالسي (2/218-219) مختصاً، وأبو داود (2/214-215)، وحنبل (44/2-45/1)،  وابن منده (98/1-2) من طرق عن عامر الشعبي عنها.

وكذا أخرجه الترمذي (2254)، وابن ماجه (2/506-508)، والآجري (ص376-379) مختصراً؛ لكنهم لم يذكروا مكة، وهو رواية للإمام أحمد (6/373-374)، وابن منده (97/2).

الثالث: عائشة رضي الله عنها، فقد قال الشعبي في رواية أحمد الأخيرة الآنفة الذكر:

فلقيت المحرر بن أبي هريرة، فحدثته حديث فاطمة بنت قيس، فقال:

[84]

أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة؛ غير أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنه نحو المشرق)). قال: ثم لقيت القاسم بن محمد، فذكرت له حديث فاطمة، فقال: أشهد على عائشة أنها حدثتني كما حدثتك فاطمة؛ غير أنها قالت: ((الحرمان عليه حرام: مكة والمدينة)).

أخرجه (6/373-374 و417-418) من طريق مجالد عن عامر.

ومجالد – وهو ابن سعيد- ليس بالقوي، ولم يحفظ ذكر مكة في حديث فاطمة، ولذلك غاير بين حديثها وحديث عائشة، وهما في الحقيقة متفقان؛ لأن ما ذكر مكة ثابت في حديث فاطمة أيضاً عند مسلم وغيره؛ كما سبق من طرق عن عامر عنها.

وفي رواية لأحمد (6/241) من طريق داود- وهو ابن أبي هند – عن عامر عن عائشة مرفوعاً مختصراً بلفظ:

((لا يدخل الدجال مكة ولا المدينة)).

قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن منده نحوه.

الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال)).

أخرجه البخاري (4/76)، ومسلم (4/120)، وأحمد (2/237 و331) والداني (128/2) من طرق عنه.

[85]

وفي طريق أخرى لأحمد (2/483) بلفظ:

((المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منها ... )).

وفي أخرى لمسلم، وأبي يعلى أيضاً (292/2-مصورة المكتب):

((يأتي المسيح من قبل المشرق، همته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام ، وهنالك يهلك)).

الخامس: أبو بكرة الثقفي قال:

أكثر الناس في مسيلمة قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم  فيه شيئاً، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال:

((أما بعد؛ ففي شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم فيه، وإنه كذاب من ثلاثين كذاباً يخرجون بين يدي الساعة، وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رُعبُ المسيح؛ إلا المدينة؛ على كل نقب من نقابها ملكان يذبّان عنها رعب المسيح)).

أخرجه عبد الرزاق (20823)، وأحمد (5/41و47) عنه وعن غيره عن معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عنه.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات رجال البخاري؛ لكن معمراً قد خالفه ثقتان، وهما عُقيل- وهو ابن خالد الإيلي- وابن أخي ابن شهاب- واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم – فقالا: عن ابن شهاب عن طلحة: أن عياض بن مسافع أخبره عن أبي بكرة.

أخرجه أحمد (5/46).

[86]

قلت: وهذا أصح(7)، وعياض هذا مجهول؛ لكنه قد توبع على الشطر الأخير منه، فقال: إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذٍ سبعة أبواب، على كل باب ملكان)).

أخرجه البخاري (4/76)، وأحمد (5/43و47)، واستدركه الحاكم (4/542) فوهم! وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري أيضاً رقم (5731) من طريق مالك، وهذا في ((الموطأ)) (3/88).

السادس: رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى حديثه (ص71).

السابع: جابر بن عبد الله، وقد مضى حديثه أيضاً (ص71-73). ويأتي بطريق آخر قريباً.

الثامن: أبو سعيد الخدري، وقد مضى (ص77-78).

التاسع: عبد الله بن عمرو، وقد مضى أيضاً (ص81).

العاشر: عن أنس مثل حديث أبي هريرة عند الشيخين.

أخرجه البخاري (7134)، والترمذي (2243)، وابن حبان (6766)،

[87]

 وأحمد (3/202 و206 و277).

23- فيها أحاديث:

الأول: عن فاطمة بنت قيس، وقد ذكرت لفظه قريباً (ص82-83).

الثاني: عن جابر أيضاً قال:

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر فقال:

((يا أيها الناس! إني لم أقم فيكم لخبر جاءني من السماء (فذكر حديث الجساسة مختصراً، وفيه: ) قال: هو المسيح تطوى له الأرض في أربعين يوماً؛ إلا ما كان من طيبة)).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وطيبة المدينة، ما باب من أبوابها إلا عليه ملك مُصَلِّتٌ سيفه يمنعه، وبمكة مثل ذلك)).

أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) (ص112/2 و113/2) من طريقين عن محمد بن فضيل: ثنا الوليد بن جميع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه.

قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم. وقال الهيثمي (7/346):

((رواه أبو يعلى بإسنادين رجال أحدهما رجال (الصحيح) )).

الثالث: مِحْجَن بن الأدرع، قال:

بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، ثم عارضني في بعض طرق المدينة، ثم صعد على أحد، وصعدت معه، فأقبل بوجهه نحو المدينة، فقال لها قولاً ثم قال: ((ويل أمك- أو: ويح أمها- ! قرية يدعها أهلها أينع ما يكون، يأكلها

[88]

عافية الطير والسباع؛ يأكل ثمرها، ولا يدخلها الدجال إن شاء الله، كلما أراد دخولها تلقاه بكل نقب من نقابها ملك مصلت يمنعه عنها)).

أخرجه الحاكم (4/427) وقال:

((صحيح الإسناد)) ! ووافقه الذهبي!

قلت: فيه انقطاع كما يأتي بيانه.

24-فيها أحاديث:

الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((ينزل الدجال في هذه السبخة؛ بمرّ قناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى أن الرجل ليرجع إلى حميمه، وإلى أمه، وابنته، وأخته، وعمته، فيوثقها رباطاً؛ مخافة أن تخرج إليه، ثم يسلط الله المسلمين عليه، فيقتلونه، ويقتلونه شيعته، حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر، فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم : هذا يهودي تحتي فاقتله)).

أخرجه أحمد (2/67)، وحنبل في ((الفتن)) (51/2-52/1).

قلت: وإسناده حسن؛ لولا عنعنة محمد بن إسحاق.

الثاني: عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً:

((يأتي الدجال- وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة- فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل... )) الحديث.

أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد مضى بلفظ عبد الرزاق (ص77-78).

[89]

الثالث: عن محجن بن الأدرع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال:

((يوم الخلاص، وما يوم الخلاص؟ يوم الخلاص، وما يوم الخلاص؟ يوم خلاص وما يوم الخلاص؟ )) (ثلاثاً)، فقيل له: وما يوم الخلاص؟ قال:

((يجيء الدجال فيصعد أحداً، فينظرون المدينة، فيقول لأصحابه: أترون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد. ثم يأتي المدينة، فيجد بكل نقب منها ملكاً مصلتا، فيأتي سبخة الجُرُف، فيضرب رواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه، فذلك يوم الخلاص)).

أخرجه أحمد (4/338)، وحنبل (46/2- 47/1)، والحاكم (4/427 و543) وقال:

((صحيح على شرط مسلم)) ، ووافقه الذهبي.

وهو كما قالا إن سلم من الانقطاع بين عبد الله بن شقيق ومحجن، فقد أُدخل بينهما رجاء بن أبي رجاء الباهلي في رواية لأحمد وحنبل (46/1)، وإسنادها أصح من إسناده الرواية؛ لكنها على كل حال لا بأس بها في الشواهد.

الرابع: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه، فقال:

((نعمت الأرض المدينة، إذا خرج الدجال على كل نقب من أنقابها ملك

[90]

لا يدخلها، فإذا كان كذلك؛ رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات، لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، وأكثر – يعني- من يخرج إليه النساء، وذلك يوم الخلاص، وذلك يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، يكون معه سبعون ألفاً من اليهود، على كل رجل منهم ساج وسيف محلّى، فتضرب رقبته بهذا الضرب الذي عند مجتمع السيول)).

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((ما كانت فتنة- ولا تكون حتى تقوم الساعة- أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا وقد حذر أمته، ولأخبرنكم بشيء ما أخبره نبيّ أمته قبلي))، ثم وضع يده على عينه، ثم قال:

((أشهد أن الله عز وجل ليس بأعور)).

أخرجه أحمد (3/292)، وابنه في ((السنة)) (138).

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير زهير- وهو ابن محمد الخراساني- وفيه ضعف. وقال ابن كثيرة (1/127):

((وإسناده جيد، وصححه الحاكم)).

وله طريق أخرى مختصراً في ((الإحسان)) (6616).

الخامس: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( يجيء الدجال فيطأ الأرض؛ إلا مكة والمدينة، فيأتي المدينة. فيجد بكل نقب من نقابها صفوفاً من الملائكة، فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رواقه

[91]

فترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة)).

أخرجه البخاري (1/466-أوروبا)، ومسلم (8/206-207)، وأحمد (3/191 و206 و238 و292)، وحنبل (47/1- 48/2)، والداني في ((الفتن)) (127/2- 128/1).

25- فيها ثلاثة أحاديث:

الأول: عن أنس.

الثاني: عن جابر.

الثالث: عن محجن.

ومضت ثلاثتها آنفاً.

الرابع عن رجل من الأنصار عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال:

ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال، فقال:

((يأتي سباخ المدينة، وهو محرم عليه أن يدخل نقابها، فتنتفض المدينة بأهلها نفضة أو نفضتين – وهي الزلزلة- فيخرج إليه منها كل منافق ومنافقة، ثم يولي الدجال قبَل الشام، حتى يأتي بعض جبال الشام، فيحاصرهم الدجال نازلاً بأصله، حتى إذا طال عليهم البلاء؛ قال رجل من المسلمين: يا معشر المسلمين! حتى متى أنتم هكذا وعدو الله نال بأرضكم هكذا؟! هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين؛ بين أن يستشهدكم الله أو يظهركم؟ فيبايعون

[92]

على الموت بيعة يعلم الله أنها الصدق من أنفسهم، ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر امرؤ فيها كفه، قال: فينزل ابن مريم فيحسر عن أبصارهم، وبين أظهره رجل عليه لأمته، فيقولون: من أنت يا عبد الله؟ فيقول: أنا عبد الله ورسوله، وروحه، وكلمته، عيسى ابن مريم، اختاروا بين إحدى ثلاث: بين أن يبعث الله على الدجال وجنوده عذاباً من السماء، أو يخسف بهم الأرض، أو يسلط عليهم سلاحكم ويكف سلاحهم عنكم. فيقولون: هذه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أشفى لصدورنا ولأنفسنا. فيومئذ ترى اليهودي العظيم الطويل الأكول الشروب لا تقلّ يده سيفه من الرعدة، فيقومون إليهم فيسلطون عليهم، ويذوب الدجال حين يرى ابن مريم كما يذوب الرصاص، حتى يأتيه أو يدركه عيسى فيقتله)).

أخرجه عبد الرزاق(20834) عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عنه.

قلت: وإسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الأنصاري؛ فإنه لم يسم، ويحتمل أن يكون صحابيّاً؛ لأن الثقفي هذا تابعي روى عن أبي موسى الأشعري وغيره، فإن كان كذلك فالسند صحيح؛ لأن جهالة الصحابي لا تضر عند أهل السنة.

26- يشهد لها حديثان:

الأول: حديث جابر المتقدم (ص89-90)، وفيه:

((وذلك يوم الخلاص، وذلك يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكبير خبث الحديد)).

[93]

والآخر: حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد)).

أخرجه مسلم (4/120).

27- فيها حديثان:

الأول: حديث محجن بن الأدرع، وقد مضى (ص89).

الآخر: حديث جابر بن عبد الله، وقد مضى أيضاً (89-90).

28- فيها حديثان أيضاً:

الأول: عن أم شريك نفسها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((ليفرنّ الناس من الدجال في الجبال))، قالت: أم شريك: يا رسول الله! فأين العرب يومئذٍ؟ قال: ((هم قليل)).

أخرجه مسلم (8/207)، والترمذي (3926)(8)، وأحمد (6/462).

الآخر: عن عائشة :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهداً شديداً يكون بين يدي الدجال، فقلت: يا رسول الله! فأين العرب يومئذٍ؟ قال:

[94]

((يا عائشة! العرب يومئذ قليل)). فقلت: ما يجزي المؤمنين يومئذٍ من الطعام؟ قال: ((ما يجزي الملائكة؛ التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل)). قلت: فأي المال يومئذ خير؟ قال: ((غلام شديد يسقي أهله من الماء، وأما الطعام فلا طعام)).

أخرجه أحمد (6/125)، وحنبل (47/2)، وأبو يعلى (3/1133) عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عنها.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن – وهو البصري- مدلس.

وعلي بن زيد – وهو ابن جدعان- ضعيف.

وذهب عنه الهيثمي فقال: (7/335):

((رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله رجال (الصحيح) ))!

29-لم أجد لها شاهداً.

30-يشهد لها حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

((المهدي منا آل البيت؛ يصلحه الله في ليلة)).

وهو حديث ثابت مخرج في ((الصحيحة)) (2371).

31- يشهد لهذه الفقرة أحاديث:

الأول: عن عثمان بن أبي العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالحيرة

[95]

ومصر بالشام، فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في إعراض الناس، فيهزم من قبل المشرق، فاول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين، فيصير أهله ثلاثة فرق: فرقة تقول: نُشامّه ننظر ما هو؟ وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ومع الدجال سبعون ألفاً عليهم السيجان، وأكثر تبعه اليهود والنساء، ثم يأتي المصر الذي يليه، فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقول: نشامّه ننظر ما هو؟ وفرقة تلحق بالأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام.

وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعثون سرحاً لهم، فيصاب سرحهم، فيشتد ذلك عليهم، وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد، حتى أن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله.

فبينما هم كذلك؛ إذ نادى مناد من السحر: يا أيها الناس! أتاكم الغوث (ثلاثاً). فيقول بعضهم لبعض: إن هذا لصوت رجل شبعان!

وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر، فيقول له أميرهم: روح الله! تقدم صلّ. فيقول: هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض. فيتقدم أميرهم فيصلي، فإذا قضى صلاته؛ أخذ عيسى حربته، فيذهب نحو الدجال؛ فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص، فيضع حربته بين ثندوته فيقتله، وينهزم أصحابه، فليس يومئذ شيء يواري منهم أحداً، حتى أن الشجرة لتقول له: يا مؤمن! هذا كافر. ويقول الحجر: يا مؤمن! هذا كافر)).

أخرجه أحمد (4/216-217)، والحاكم (4/478 – 479).

[96]

قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير علي بن زيد- وهو ابن جدعان- وهو ضعيف.

الثاني: عن جابر بن عبد الله ، وقد مضى حديثه (71-73).

وقد أخرج مسلم (1/95) موضع الشاهد منه من طريق أخرى عن أبي الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله مرفوعاً بلفظ:

((لا تزال طائفة من أتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا.فيقول: لا؛ إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الأمة)).

هو مخرج في ((الصحيحة)) (1960)، وقد أخرجه الداني أيضاً (142/2).

الثالث: عن أبي هريرة، وقد مضى حديثه (ص54) بلفظ:

((ثم ينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء فيؤم الناس، فإذا رفع رأسه من ركعته قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله المسيح الدجال، وظهر المسلمون)).

الرابع: عن النواس بن سمعان، وقد مضى حديثه (ص56-58).

الخامس: عن عائشة، وقد مضى حديثها (ص59-60).

السادس: بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وقد مضى (91-92).

السابع: عن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:

((إن الدجال خارج، وهو أعور عين الشمال، عليها ظفرة غليظة، وإنه يبرئ

[97]

الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، ويقول للناس: أنا ربكم. فمن قال: أنت ربي: فقد فتن، ومن قال: ربي الله. حتى يموت؛ فقد عصم من فتنته، ولا فتنة بعده، ولا عذاب عليه، فيلبث ما شاء الله.

ثم يجيء عيسى ابن مريم عليهما السلام من قبل المغرب؛ مصدقاً بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة)).

أخرجه أحمد (5/13) .

قلت: وإسناده صحيح؛ لولا عنعنة الحسن البصري، وأما الحافظ في ((الفتح)) (6/478) ؛ فجزم بأن إسناده حسن!

الثامن : عن أبي هريرة أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((كيف أنتم إذا نزل ابن مريم [من السماء] فيكم، وإمامكم (وفي رواية: وأمّكم) منكم؟)). قال: ابن أبي ذئب- أحد رواته- : تدري ما ((أمكم منكم))؟ أمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري (6/384)، ومسلم (1/94)، وعبد الرزاق (20841)، وأحمد (2/272 و336)، وابن منده (41/2)، والبيهقي في ((الأسماء)) (ص424)، والزيادة له.

ومن طريق ثانية عنه مرفوعاً بلفظ:

((والذي نفسي بيده؛ ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله

[98]

أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها))، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ?وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكونُ عليهم شهيداً? [النساء: 159].

أخرجه البخاري (6/382-383)، ومسلم (93-94)، والترمذي (2234) وصححه، والطيالسي (2/219/2782)، وأحمد (2/240 و272 و538)، وليس عند هؤلاء الثلاثة قراءة الآية، وهو رواية للشيخين، وابن ماجه (2/516)، والآجري (ص381)، وعبد الرزاق (20840)، والداني (142/1-2)، وابن منده في ((الإيمان)) (41/1).

ومن طريق ثالثة عنه بلفظ:

((والله؛ لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً، فليكسرنّ الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاصُ فلا يسعى عليها ، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد)).

أخرجه مسلم (1/94)، وأحمد (2/494)، والآجري (ص380)، وابن منده (41/2).

وفي رابعة- وهي عن محمد بن سيرين- عنه مرفوعاً:

((يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماماً مهدياً وحكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وتضع الحرب أوزارها)).

أخرجه أحمد (2/411).

[99]

قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وفي رواية عن ابن سيرين قال:

((ينزل ابن مريم عليه لأمته وممصرتان بين الأذان والإقامة، فيقولون له: تقدم. فيقول: بل يصلي بكم إمامكم، أنتم أمراء بعضكم على بعض)).

أخرجه عبد الرزاق (20838).

وإسناده صحيح مقطوع، وهو في حكم المرفوع مرسلاً.

وفي أخرى عن معمر قال:

((كان ابن سيرين أنه المهدي الذي يصلي وراءه عيسى)).

أخرجه عبد الرزاق (20839).

وفي طريق خامسة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:

((ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الخنزير، ويمحو الصليب، وتجمع له الصلاة، ويعطي المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج، وينزل الروحاء، فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما))، قال: وتلا أبو هريرة: ?وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً? [النساء: 159]. فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: (يؤمن به قبل موته): عيسى، فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة؟

أخرجه أحمد (2/290-291).

قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج منه نزوله بـ(الروحاء)

[100]

والإهلال (4/60)، وكذلك رواه عبد الرزاق (20842)، والداني (144/1)، وابن منده (41/2).

وفي سادسة عنه مرفوعاً:

((ليس بيني وبينه نبي( يعني: عيسى)، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك [الله في زمانه] المسيح [الكذاب] الدجال، [وتقع الأمنة على الأرض؛ حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم]، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون [ويدفنونه])).

أخرجه أبو داود (2/214)، والسياق له، وابن حبان (1902و1903)، وأحمد (2/406و437)، وابن جرير في ((التفسير)) (رقم 7145)، والآجري (ص380)، وعبد الرزاق (20845) وزاد: ((وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين)).

ولها شاهد في الطريق التالية.

قلت: وإسناده صحيح، وصححه الحافظ، وهو مخرج في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2182).

وفي سابعة عنه مرفوعاً:

((يوشك عيسى ابن مريم أن ينزل حكماً قسطاً، وإماماً عدلاً،

[101]

فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، وتكون الدعوة واحدة)).

أخرجه أحمد (2/394).

قلت: وإسناده حسن.

وفي ثامنة عنه مرفوعاً نحوه دون الجملة الأخيرة، وزاد:

((ويرجع السلم، وتتخذ السيوف مناجل، وتذهب حمة كل ذات حمة، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها، حتى يعلب الصبي بالثعبان فلا يضره، ويراعي الغنم الذئب فلا يضرها، ويراعي الأسد البقر فلا يضرها)).

أخرجه أحمد (2/482- 483) عن فليح عن الحارث بن فضيل الأنصاري عن زياد بن سعد عنه.

قلت: وإسناده على ماقال ابن كثير (1/169):

((جيد، قوي ، صالح)) !

وفيه نظر عندي من وجهين:

الأول: أن زياد بن سعد هذا- وهو المدني الأنصاري- أورده ابن أبي حاتم (1/2/532) من رواية ابنه سعد بن زياد أيضاً عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأورده ابن حبان في ((الثقات)) (1/73).

والآخر: أن فليحاً هذا – وهو ابن سليمان الخزاعي- وإن كان من رجال الشيخين؛ فهو كثير الخطأ؛ كما قال الحافظ في ((التقريب)).

قلت: فالأولى أن يقال: إنه قوي بما قبله.

[102]

وفي تاسعة عنه مرفوعاً بلفظ:

((لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافّوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبَوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون: لا والله؛ لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، فيفتتحون قسطنطينية (وفي رواية: فيبلغون قسطنطينية فيغنمون)، و(في طريق أخرى عنه: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟))، قالوا: نعم يا رسول الله!

قال: ((لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر. فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالث: لا إله إلا الله ، والله أكبر. فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا)، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون؛ إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح [الدجال] قد خلفكم في أهليكم. فيخرجون، وذلك باطل، [فيتركون كل شيء ويرجعون]، فإذا جاؤوا الشام خرج.

فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف؛ إذا أقيمت الصلاة [صلاة الصبح]، فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب

[103]

الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريه دمه في حربته)).

أخرجه مسلم (8/175-176)، والسياق له، وكذا الطريق الأخرى له (8/187-188)، والزيادات منها، والداني (113/1-2 و121/2) من الطريقين، والحاكم (4/482)، والرواية الأخرى والزيادة له، وقال:

((صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)) !

فوهم في استدراكه على مسلم !

قلت: ولبعضه شاهد من حديث عبد الله بن مسعود ؛ يرويه يسير بن جابر قال:

هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيري إلا : يا عبد الله ابن مسعود! جاءت الساعة. قال: فقعد – وكان متكئاً- فقال:

إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة. ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم

[104]

يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتتلون مقتلة – إما قال: لا يرى مثلها؛ وإما قال: لم ير مثلها- حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم؛ فما يخلفهم حتى يخرّ ميتاً؛ فيتعادّ بنو الأب؛ كانوا مائة؛ فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك؛ إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك ، فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم. فيرفضون ما في أيديهم، ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ)).

أخرجه أحمد (1/435)، ومسلم (8/177-178).

وفي عاشرة عنه مرفوعاً:

((ينزل عيسى ابن مريم، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله عز وجل في زمانه الدجال، وتقوم الكلمة لله رب العالمين)).

أخرجه الداني (143/2)، وابن منده (41/2)، وسنده جيد.

فهذه عشر طرق لحديث أبي هريرة حده، فهو متواتر عنه في الجملة؛ لا في التفصيل.

[105]

الحديث التاسع: عن حذيفة بن اليمان مثل حديث أبي هريرة الذي سقته آنفاً، وأتم منه، وفيه: ذكر عقبة أفيق، وفيه:

((فلما قاموا يصلّون؛ نزل عيسى ابن مريم صلوات الله عليه إمامهم، فصلى بهم(9)،فلما انصرف قال: هكذا: أفرجوا بيني وبين عدو الله. (قال أبو حازم: قال أبو هريرة: فيذوب كما تذوب الإهالة في الشمس، وقال عبد الله بن عمرو: ما يذوب الملح في الماء)، وسلط الله عليهم المسلمين، فيكسرون الصليب، ويقتلون الخنزير، ويضعون الجزية)).

أخرجه ابن منده (95/2)، والحاكم (4/490-491) وقال:

((صحيح على شرط مسلم ))، وأقره الذهبي.

وأقول: فيه خلف بن خليفة الأشجعي، وهو وإن كان صدوقاً من رجال مسلم ؛ فقد كان اختلط في الآخر، فحديثه جيد في الشواهد، وأما قول الحافظ في (6/478) بعد ما عزاه لابن منده : ((إسناد صحيح )) ؛ فهو سهو أو تساهل.

العاشر: عن حذيفة بن أسيد قال:

((... ولكن الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفّة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طيّ فروة الكبش، حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها، ويمنع داخلها، ثم جبل إيلياء، فيحاصر عصابة

[106]

من المسلمين، فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم؟ فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال ويهزم أصحابه، حتى أن الشجر والحجر والمدر يقول: يا مؤمن ! هذا يهودي عندي فاقتله)).

أخرجه الحاكم (4/529-530)، وعبد الرزاق (20827) مختصراً، وقال الحاكم:

((صحيح الإسناد))، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

الحادي عشر: عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وقد مضى حديثه (91-92).

32- يشهد لها حديث حذيفة بن اليمان الماضي قريباً، وفه: ((فلما انصرف( يعني : عيسى من الصلاة) قال هكذا : أفرجوا بيني وبين عدو الله)).

33- يشهد لها أحاديث:

الأول: عن أنس قال:

((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة)).

أخرجه مسلم (8/207)، وابن حبان (6760)، وأحمد (3/224)، وانظر: ((الصحيحة)) (3080).

[107]

الثاني: عن جابر ، وقد مضى( ص89-90) بلفظ:

((يكون معه سبعون ألفاً من اليهود، على كل رجل منهم ساج وسيف محلى)).

الثالث: عن عثمان بن أبي العاص مثله دون ذكر السيف، وقد مضى (ص94-95).

الرابع: عن أبي سعيد مرفوعاً مثله أيضاً دون السيف.

أخرجه عبد الرزاق (20825) عن أبي هارون عنه.

لكن أبو هارون متروك.

الخامس: عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

((لينزلن الدجال (خُوز) و(كرمان) في سبعين ألفاً وجوههم كالمجان المطرقة)).

أخرجه أحمد (2/337)، ورجاله ثقات؛ لولا عنعة ابن إسحاق.

34-هذه الفقرة تقدمت شواهدها من رواية جمع من الصحابة:

الأول: جابر (ص71-73).

الثاني: بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم (ص91-92).

الثالث: عثمان بن أبي العاص (ص94-95).

الرابع: أبو هريرة (ص102-103).

[108]

الخامس : حذيفة بن اليمان (ص105).

35- لم أجد لها شاهداً.

36- فيها أحاديث:

الأول: عن مجمع بن جارية الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يول: ((يقتل ابن مريم الدجال بباب لد)).

أخرجه الترمذي (2245)، وابن حبان (1901)، والطيالسي (2/219)، وعبد الرزاق (20835)، وأحمد (3/420)، والداني (143/1 و2)، وقال الترمذي:

((حديث حسن صحيح)).

قلت: لعله يعني لشواهده الآتية، وإلا ففي إسناده عبيد لله بن عبد الله ابن ثعلبة الأنصاري، وهو مجهور لا يعرف، وفي اسمه اختلاف.

الثاني: عن النواس بن سمعان مرفوعاً مثله، وقد مضى حديثه (ص56-58).

الثالث: عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً نحوه، وقد مضى حديثها (ص59-60).

وروى عبد الرزاق (20836) بسند صحيح: أن عمر سأل رجلاً من اليهود عن شيء؟ فحدثه، فصدقه عمر، فقال له عمر: قد بلوت صدقك، فأخبرني عن الدجال. قال: وإله اليهود؛ ليقتلنه ابن مريم بفناء (لُدّ).

[109]

37-فيها أحاديث:

الأول: عن عثمان بن أبي العاص، وهو في آخر حديثه المتقدم (ص94-95).

الثاني: عن جابر، وهو أيضاً في آخر حديثه السابق (71-73).

الثالث: عن حذيفة بن أسيد، وتقدم أيضاً (105-106).

الرابع: عن ابن عمر، وقد مضى (ص88).

لكن له طريق أخرى أصح من تلك بلفظ:

((تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، حتى يقول الحجر : يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله)).

أخرجه عبد الرزاق (20837)، وعنه أحمد (2/149)، والترمذي (2237) وقال:

((حديث حسن صحيح)).

ثم أخرجه أحمد (2/122 و131)، والبخاري (6/78 و478)، ومسلم (8/188) من غير طريق عبد الرزاق به، وأخرجه الداني (65/1).

الخامس: عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من رواء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم !

[110]

يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله. إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود)).

أخرجه الشيخان، وأحمد (2/398 و 417 و530)، والخطيب (7/207)، والداني (64/2- 65/1).

38- اتفقت جميع الأحاديث على أن أيام الدجال التي يسيح فيها في الأرض إنما هي أربعون.

ولكنها اختلفت في هذه الأيام؛ هل هي أربعون سنة كما في هذه الرواية؛ أم أربعون يوماً وليلة كما في روايات أخرى؟

والصحيح الذي يجب القطع به هو الثاني؛ لأنها أصح وأكثر؛ كما سيأتي بيانه.

وأما هذه الرواية؛ فهي مع ضعف إسنادها كما تقدم بيانه في أول هذا البحث- فإني لم أجد لها شاهداً معتبراً يمكن الاعتضاد به؛ اللهم! إلا حديث شهر بن حوشب المتقدم (ص77) عن أسماء بنت يزيد في روايته له عنها بلفظ :

((يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة؛ السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار)).

ولكنه حديث منكر لضعف شهر وتفرده به؛ فلا يصلح شاهداً.

ولا يقويه ما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً:

((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة أو الخوصة)).

[111]

أخرجه أحمد (2/537-538)، وأبو يعلى (302/1)، وابن حبان (1888).

قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال ابن كثير (1/213).

وله شاهد من حديث أنس بن مالك مرفوعاً به. أخرجه الترمذي (2333) واستغربه. وآخر من مرسل سعيد بن المسيب أخرجه الداني (14/1).

قلت: فهذا لا يقوي حديث شهر؛ لأنه لم يذكر فيه الدجال كما هو ظاهر، فهو مطلق، ولا يجوز تقييده – أعني : حديث شهر لضعفه- لا سيما والحاصل منه بعد تقييده يتعارض مع الروايات الأخرى، وهذا لا يجوز كما لا يخفى على أولي النهى.

وأما الروايات المشار إليها والمصرحة بأن أربعين الدجال إنما هي أيام وليست سنيناً؛ فهي من رواية جمع من الصحابة، وقد تقدمت كلها، فاكتفي بالإشارة إلى رواياتهم:

الأول: النواس بن سمعان، وقد مضى  (ص56-58).

الثاني: نفير والد جبير ، وقد مضى(ص59).

الثالث: رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى (ص71).

الرابع: جابر بن عبد الله، وقد مضى (ص71-73 و87).

الخامس: أبو هريرة، وقد مضى (ص54).

قلت: لا يخالف هذه الأحاديث الصحيحة حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[112]

(( يخرج الدجال في أمتي، فيلبث فيهم أربعين يوماً، أو أربعين ليلة، أو أربعين شهراً، فيبعث الله عز وجل عيسى ابن مريم- كأنه عروة بن مسعود الثقفي- فيظهر، فيهلكه، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قِبَلِ الشام، فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته ... )).

أخرجه أحمد (2/166)، ومسلم (8/201)، واستدركه عليه الحاكم (4/543-544 و550-551) فوهم ، وابن حبان (7309)، وابن منده (98/2).

أقول: لا يخالف هذا ما تقدم من الأحاديث لما فيه من التردد، والظاهر أنه من أحد رواته، والمتردد لا علم عنده، وأولئك جزموا بالأربعين يوماً، ومن علم حجة على من لم يعلم ، ومن المحتمل أن التردد من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، ويكون ذلك من قبل أن يأتيه الوحي بمقدار تلك الأيام، ثم جاءه بذلك، ويؤيده حديث أبي هريرة: ((في أربعين يوماً الله أعلم ما مقدارها))، زاد ابن حبان: ((الله أعلم ما مقدارها (مرتين) )).

39- هذا السياق ضعيف غريب مخالف للأحاديث الصحيحة التي سبقت الإشارة إليها، فإن المحفوظ فيها:

((أربعون يوماً؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم هذه)).

[113]

40-ليس لهذه الفقرة ذكر في تلك الأحاديث الصحيحة، وإنما ثبتت في حديث أبي هريرة المتقدم (ص110) بلفظ:

((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان... وتكون الساعة كاحتراق السعفة))، فليس فيه ذكر الدجال كما سبق.

41- لم أجد لها شاهداً أصلاً.

42- لم أجد لها أصلاً بهذا السياق الذي فيه ذكر الأيام القصار، والمحفوظ ما تقدم في حديث النواس ونفير والد جبير:

((قلنا : يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة؛ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا؛ اقدروا له قدره)).

43- هذه الفقرة بحذافيرها جاءت في حديث أبي هريرة المتقم من طرق عديدة (ص96-103).

44- يشهد لها حديث طاوس يرويه قال:

((ينزل عيسى ابن مريم إماماً هادياً، ومقسطاً عادلاً، فإذا نزل كسر الصليب، وقتل الخنزير، ووضع الجزية، وتكون الملة واحدة، ويوضع الأمن في الأرض، حتى أن الأسد ليكون مع البقر تحسبه ثورها، ويكون الذئب مع الغنم تحسبه كلبها، وترفع حمة كل ذات حمة، حتى يضع الرجل يده على رأس الحنش فلا يضره، وحتى تفرّ الجارية الاسد كما يفرّ ولد الكلب الصغير، ويقوّم الفرس العربي بعشرين درهما، ويقوّم الثور بكذا وكذا، وتعود الأرض

[114]

كهيئتها على عهد آدم، ويكون القطف – يعني: العنقاد- يأكل منه النفر ذو العدد، وتكون الرمانة يأكل منها النفر ذو العدد)).

أخرجه عبد الرزاق (20843).

قلت: وإسناده مرسل صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.

45- هذه الفقرة تقدم ما يشهد لها في حديث طاوس الذي قبلها، وفي طرق حديث أبي هريرة المشار إليه آنفا، وقد بقي طريق واحد من طرقه فيه ما يشهد لما لم يسبق له شاهد منها – كالجملة الأولى منها وغيرها- فكان لا بد من سوقه ، وهو من روية زيد بن أسلم عن رجل عن أبي هريرة قال:

((لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم إماماً مقسطاً، و[تسلب](10) قريش الإمارة، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، وتوضع الجزية ، وتكون السجدة واحدة لرب العالمين ، وتضع الحرب أوزارها، وتملأ الأرض من الإسلام كما تملأ الآبار من الماء، وتكون الأرض كفاثور(11) الورق (يعني: المائدة)، وترفع الشحناء والعداوة، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، ويكون الأسد في الإبل كأنه فحلها)).

أخرجه عبد الرزاق (20844) عن معمر عنه.

[115]

قلت: وإسناده كلهم ثقات؛ غير الرجل الذي لم يسم،وهو من كبار التابعين إن لم يكن صحابياً، فإن زيداً هذا تابعي روى عن جماعة من الصحابة؛ منهم أبو هريرة نفسه وابن عمر وغيرهما.

وهو إن كان موقوفاً فهو في حكم المرفوع؛ لأنه من المغيبات التي لا تقال بمجرد الرأي؛ لا سيما وأكثره قد جاء مرفوعاً كما تقدم .

وجملة الرمانة من هذه الفقرة لها شاهد في حديث النواس المتقدم تخريجه (ص56-58)؛ وإن لم يسق بتمامه الذي فيه الشاهد.

46 و47- لم أجد لهما شاهداً أصلاً.

48- يشهد لها حديث أسماء بنت يزيد الأنصارية السابق (ص57-76).

49- يشهد لها اربعة أحاديث:

الأول: حديث اسماء المشار إليه آنفاً.

الثاني: حديث عائشة المتقدم (ص93-94).

الثالث: حديث ابن عمر:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن طعام المؤمنين في زمن الدجال؟ قال: ((طعام الملائكة)). قالوا: وما طعام الملائكة؟ قال: ((طعامهم منطقهم بالتسبيح والتقديس، فمن كان منطقه يومئذ التسبيح والتقديس أذهب الله عنه الجوع، فلم يخش جوعاً)).

[116]

أخرجه الحاكم (4/511) وقال:

((صحيح الإسناد على شرط مسلم )) ! ورده الذهبي بقوله :

((قلت: كلا؛ فسعيد متهم تالف)).

قلت: يعني سعيد بن سنان الحمصي.

الرابع : عن أسماء بنت عميس:

أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها لبعض حاجته، ثم خرج، فشكت إليه الحاجة، فقال:

((كيف بكم إذا ابتليتم بعبد قد سخرت له أنهار الأرض وثمارها؛ فمن اتبعه أطعمه وأكفره، ومن عصاه حرمه ومنعه؟ )). قلت: يا رسول الله! إن الجارية لتجلس عند التنور ساعة لخبزها، فأكاد أفتنن في صلاتي؛ فكيف بنا إذا كان ذلك ؟ قال:

((إن الله يعصم المؤمنين يومئذ بما عصم به الملائكة من التسبيح، إن بين عينيه : كافر؛ يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب)).

قال الهيثمي (7/346):

((رواه الطبراني، وفيه راوٍ لم يسم، وبقية رجاله رجال (الصحيح) )).

وبالجملة؛ فحديث أبي أمامة هذا وإن كان في إسناده ضعف؛ فقد تبين من هذا التخريج والتحقييق – الذي يندر مثاله- أنه حديث صحيح في غالب فقراته؛ بالشواهد التي سبق ذكرها لكل فقرة.

[107]

ولذلك ؛ فقد توجهت نيتي إلى أن أجمع ، مجموع ما ثبت في هذه الأحاديث رسالة في قصة المسيح الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وقتله إياه؛ على سياق حديث أبي أمامة هذا؛ مجتنباً منه ما لم أجد له شاهداً، وواضعاً كل فقرة من الأحاديث الأخرى في المكان المناسب منه.

[129]

1- يا أيها الناس! إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم- [ولا تكون حتى تقوم الساعة]- أعظم من فتنة الدجال، [ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها] ، [وإنه لا يضر مسلماً].

2- وإن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا حذّر أمته [الأعور] الدجال، [إني لأنذركموه].

3- وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم.

4- وهو خارج فيكم لا محالة. [إنه لحق، وأما إنه قريب، فكل ما هو آت قريب]. [إنما يخرج لغضبة يغضبها]، و[لا يخرج حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة].

[130]

5- فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم؛ فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي؛ فكل امرئٍ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. (وفي حديث أم سلمة: وإن يخرج بعد أن أموت يكفيكموه الله بالصالحين).  

6- وإنه يخرج [من [أرض] قبل المشرق] [يقال لها: (خراسان)] [في يهودية أصبهان]، [كأن وجوههم المجان المطرقة]، من خلّة بين الشام والعراق، فعاث يميناً [وعاث] وشمالاً، يا عباد الله! فاثبتوا.[ثلاثاً].

[131]

7- فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي.(وفي حديث عبادة إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا).  

8- إنه يبدأ فيقول: أنا نبي، ولا نبي بعدي.

9- ثم يثني فيقول: أنا ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا.

10- وإنه أعور،[ممسوح] [العين اليسرى]، [عليها ظفرة غليظة]، [خضراء كأنها كوكب دري]، [عينه اليمنى كأنها عنبة طافية]، [ليست بناتئة، ولا حجراء]، [جفال الشعر]، [ألا

[132]

ما خفي عليكم من شأنه؛ فلا يخفين عليكم] إن ربكم ليس بأعور، [ألا ما خفي عليكم من شأنه؛ فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور]، [ثلاثاً]، [وأشار بيده إلى عينيه]، [وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا].

11- [إنه يمشي في الأرض، وإن الأرض والسماء لله].

12- [إنه شاب قطط؛ كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن]، [قصير، أفحج، دعج]، [هجان].

13-[وإنه آدم، جعد]، [جفال الشعر].

[133]

14- وإنه مكتوب بين عينيه: كافر؛ يقرؤه [من كره عمله، أو يقرؤه] كل مؤمن كاتب أو غير كاتب.  

15- وإن من فتنته؛ أن معه جنة وناراً،[ونهراً وماء]، [وجبل خبز]، [وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار]،  فناره جنة، وجنته نار.

-[وسأله المغيرة بن شعبة عنه؟ فقال: قلت: إنهم يقولون: معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء؟ قال: هو أهون على الله من ذلك].

(وفي حديث آخر: [معه نهران يجريان، أحدهما- رأي العين- ماء أبيض، والآخر- رأي العين- نار تأجج]، [فمن أدرك ذلك منكم، فأراد الماء؛ فليشرب من الذي يراه أنه نار]، [وليغمض [عينيه]، ثم ليطأطئ

[134]

[رأسه]؛ فإنه يجده ماءً [بارداً عذباً] [طيباً]، [فلا تهللوا]. وفي أخرى: فمن دخل نهره حطّ أجره، ووجب وزره، ومن دخل ناره وجب أجره، وحطّ وزره).

16- فمن ابتلي بناره؛ فليستغث بالله، وليقرأ [عليه] فواتح سورة (الكهف)، [فإنها جواركم من فتنته].

17- وإن من فتنته؛ أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك؛ أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني! اتّبعه؛ فإنه ربك!.

18- وإن من فتنته؛ أن يسلط على نفسٍ واحدة فيقتلها، وينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين.

19- وإن من فتنته؛ أن يمر بالحي[فيدعوهم]،  فيكذبونه،[فينصرف

[135]

عنهم]،  فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت.

20- وإن من فتنته؛ أن يمر بالحي [فيدعوهم]، فيصدّقونه، [ويستجيبون له]،  فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمدّه خواصر، وأدرّه ضروعاً.

21- ويمر بالخريبة فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.

22- [يخرج في[زمان اختلاف من الناس، وفرقة] (و) بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش].

23- [ولا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق، أو بدابق، [يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام]، فيخرج إليهم جيش من المدينة من

[136]

مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. فَإِذَا تَصَافّوا قَالَتِ الرّومُ: خَلّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الّذِينَ سُبُوْا مِنّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لاَ. وَاللّهِ؛ لاَ نُخَلّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ،[وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام]، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلثهمـ -[هم] أفضل الشهداء عند الله- ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً، [فيجعل الله الدبرة عليهم (أي الروم)، فيقتتلون مقتلة؛ إما قال: لا يرى مثلها؛ وإما قال: لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم؛ فما يخلفهم حتى يخرّ ميتاً؛ فيتعادّ بنو الأب؛ كانوا مائة؛ فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم؟]، فيبلغون قسطنطينية فيفتحونها (وفي رواية: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟، قالوا: نعم يا رسول الله!

قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر. فيسقط أحد جوانبها الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر

[137]

ثم يقولوا الثالث: لا إله إلا الله ، والله أكبر. فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا)، فبينما هم يقتسمون الغنائم- قد علقوا سيوفهم بالزيتون؛ إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح [الدجال] قد خلفكم في أهليكم.[فيرفضون ما بأيديهم ويخرجون، وذلك باطل، [ فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ]، فإذا جاؤوا الشام، خرج].

24-وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه؛ إلا [أربع مساجد: مسجد] مكة، و[مسجد] المدينة، [والطور، ومسجد الأقصى].

25- وإن أيامه أربعون يوماً؛ يوماً كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم.

قالوا: فذلك اليوم الذي كسنة؛ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا؛ اقدروا له قدره.

قالوا: وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح].

[138]

26- وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كلها، فلا تنبت خضراء، فلا تبق ذات ظلف إلا هلكت؛ إلا ما شاء الله.

قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى  الطعام.

27- لا يأتي مكة والمدينة من نقب من نقابها  إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة.

28- [وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رُعبُ المسيح[الدجال]؛ إلا المدينة؛[لها يومئذ سبعة أبواب]، على كل نقب من نقابها ملكان يذبان عنها رعب المسيح].

29- حتى ينزل عند السبخة[سبخة الجرف]، [دبر أحد] [فيضرب رواقه].

[139]

30- فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، [وأكثر من يخرج إليه النساء].  

31- [فيتوجه قبَلَه رجل من المؤمنين،[ممتليء شباباً]، [هو يومئذٍ خير الناس، أو من خيرهم]، فتلقاه المسالح- مسالح الدجال- فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: أوَ ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟

قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيهاالناس! [أشهد أن] هذا الدجال الذي ذكر (وفي طريق: الذي حدثنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم[حديثه]،  قال: فيأمر الدجال به فيُشبّح، فيقول: خذوه وشبحّوه. فيوسع ظهره وبطنه ضرباً، قال: فيقول: أوَ ما تؤمن بي؟ قال:فيقول: أنت

[140]

المسيح الكذاب! [فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته؛ أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا]. قال: فيؤمر به، فيؤشر المئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، [فيقتله] (وفي حديث النواس: فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض). قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم. فيستوى قائماً،  قال:[ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك]، ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: [والله؛] ما ازددت فيك إلا بصيرة. قال: ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً، فلا يستطيع إليه سبيلاً، قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين].

32- [ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام]، [ثم يأتي جبل إيليا،

[141]

فيحاصر عصابة من المسلمين]، [فيلقى المؤمنون شدة شديدة]، ويفر الناس من الدجال في الجبال]، فقالت أم شريك بنت أبي العكر، يا رسول الله! فأين العرب يومئذٍ؟ قال: هم يومئذٍ قليل.  

33- وإمامهم رجل صالح، [وقال صلى الله عليه وسلم : المهدي منا آل البيت؛ [من أولاد فاطمة] يصلحه الله في ليلة][يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي]، [أجلى الجبهة، أقنى الأنف]، [يملأ الأرض قسطاً وعدلاً؛

[142]

كما ملئت جوراً وظلماً]، [يملك سبع سنين].

-وقال صلى الله عليه وسلم : ((عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار: عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم عليه السلام)).

-وقال: ((من أدركه منكم، فليقرئه مني السلام)).

34- فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح؛ إذ نزل عليهم [من السماء] عيسى بن مريم الصبح]،[عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه].

35-[ليس بيني وبينه نبي( يعني: عيسى)، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام)).

[143]

-وقال: ((كيف أنتم إذا نزل ابن مريم  فيكم، وإمامكم (وفي رواية: وأمّكم) منكم؟)). قال: ابن أبي ذئب: تدري ما ((أمكم منكم))؟ قلت: تخبرني. قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم)].

36- فرجع ذلك الإمام ينكص- يمشي القهقرى - ليتقدم عيسى،[فيقول: تعالَ صلِّ لنا]. فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له:[لا؛ إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله لهذه الأمة]،  تقدم فصلّ. فيصلي بهم إمامهم .

37-[ثم يأتي الدجال جبل (إيلياء)، فيحاصر عصابة من المسلمين]، [فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية[إلا] أن تقاتلوه حتلى تلحقوا بالله، أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا].

38- [فبينما هم يعدون للقتال، ويسوون الصفوف؛ إذ أقيمت الصلاة]،

[144]

[صلاة الصبح]، [فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم]، [فيؤم الناس، فإذا رفع رأسه من ركعته قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله المسيح الدجال، وظهر المسلمون]. فإذا انصرف قال: افتحوا الباب. فيفتح، وراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، [فيطلبه عيسى عليه الصلاة والسلام].

39- [فيذهب عيسى بحربته نحو الدجال]، فإذا نظر إليه الدجال؛ ذاب كما يذوب الملح في الماء، [فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده ، فيريه دمه في حربته]، فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله[فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق].

40- فيهزم الله اليهود،[ويسلط عليهم المسلمون]، [ويقتلونهم]، فلا

[145]

 فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء؛ لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابة- إلا الغرقدة؛ فإنها من شجرهم لا تنطق- إلا قال يا عبد الله المسلم! هذا يهودي [ورائي] فتعال فاقتله.

41-[ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة].

42- فيكون عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام في أمتي [مصدقاً بمحمد صلى الله عليه وسلم ، على ملته] حكماً عدلاً، وإماماً [مهديّاً] مقسطاً، [فيقاتل الناس على الإسلام، فـ]ـيدق الصليب، ويذبح الخنزير، [وتجمع له

[146]

الصلاة]، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، [والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد]، [حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها]، [وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين]. –[والذي نفسي بيده؛ ليُهلّن ابن مريم بفج (الروحاء) حاجا أو معتمراً، أو ليثنينهما].

43-ثم يأتي عيسى ابن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة.

فبينما هو كذلك؛ إذا أوحي الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور.

ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرةً ماءً. [ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر- وهو جبل الخمر- وهو جبل بيت المقدس- فيقولون: لقد قلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء. فيرمون

[147]

بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً].

ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه؛ حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغبُ نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النّغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة.

 ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابهم إلى الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم.

 فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيراً كأعناق البُخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله.

 ثم يرسل الله مطراً لا يكنُّ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة.

 ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردّي بركتك.

فيومئذ تأكل العصابة من الرّمانة، ويستظلون بقحفها، ويُبارك في الرّسل؛ حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لكتفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس]،ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ،وتكون الفرس بالدريهمات.

- [وقال صلى الله عليه وسلم : ((طوبى لعيش بعد المسيح، طوبى لعيش بعد المسيح ، يؤذن

[148]

للسماء في القطر، ويؤذن للأرض في النبات، فلو بذرت حبك على الصفا لنبت، ولا تشاح، ولا تحاسد، ولا تباغض))].

44-  وتنزع حمة كل ذات حمة، [وتقع الأمنة على الأرض؛ حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم]، حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره. وتفرُّ الوليدة الأسد فلا يضرّها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، [ثم يقال : تكون الأرض كفاثور الفضة تنبت، نباتها بعهد آدم].

45-[فيمكث عيسى عليه الصلاة والسلام في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون].

46- فبينما هم كذلك بعث الله ريحاً [باردة من قبل الشام] ، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، (وفي حديث ابن عمرو: لا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا

[149]

قبضته، حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه)، ويبقى شرار الناس [في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، قال: فيتمثل لهم الشيطان فيقول:ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارّة أرزاقهم حسن عيشهم]، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة].

47-[ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً، ورفع ليتاً، أول من يسمع رجلٌ يلوط حوض إبله، فيصعق، ويصعق الناس.

ثم يرسل الله – و قال: ينزل الله- مطراً كأنه الطل أو الظّل- شك من الراوي- فتنبت منه أجساد الناس، ?ثم نفخ فيه أخرى فإذا قيام هم ينظرون? [الزمر: 68]، ثم يقال: يا أيها الناس! هلم إلى ربكم، ?وقفوهم إنهم مسؤولون? [الصافات:24]. ثم يقال: أخرجوا بعث النار فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. فذاك يوم ?يجعل الولادان شيباً? [المزمل: 17]، وذلك ?يوم يكشف عن ساق? [القلم: 42)].

     * * *

[هذا آخر ما كتبه فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من هذا السفر القيم، رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له المثوبة]. الناشر.

1() ولفظة: ((إنها ليست من فتنة صغيرة ولا كبيرة إلا تتضع لفتنة الدجال))، وزاد: ((مكتوب بين عينيه: كافر)). زاد مسلم (8/195)، وأحمد (5/386): ((يقرؤه كلّ مؤمن كاتبٍ وغير كاتب))، وهذه الزيادة عند حنبل (51/1) من طريق آخر عنه.

2() يعني : في بيت المقدس، وأما في دمشق أول نزوله؛ فيأتمّ هو بالمهدي عليهما السلام.

3() انظر : ((موارد الظمآن)) (1898).

4() وَصَلَه البخاري (13/332)، ويشهد لهذه الزيادة حديث جابر الآتي (ص89-90) وحديث أبي هريرة قال في هذه الآية: ?إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً? [النساء: 58]:

((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، وأصبعه التي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك )).

أخرجه أبو داود (2/277-278)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص31)، والحاكم (1/24)، والبيهقي في ((الأسماء)) ص (178)، وابن منده أضاً (82/2) وقال : ((رواه أبو معشر عن المقبري عن أبي هريرة، ورواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة ابن عامر. وروي عن الحسن بن ثوبان عن أبي الخير عن عقبة بن عامر نحوه)).

قلت: وإسناد حديث أبي هريرة صحيح على شرط مسلم ، وكذا قال الحاكم والذهبي والحافظ (13/318)، وقد أعله الكوثري في تعليقه على ((الأسماء)) بدون حجة كعادته في أحاديث الصفات.

5( ) انظر : ((موارد الظمآن)) (1899).

6( ) اعلم أنّ هذه القصة صحيحة – بل متواترة- لم ينفرد بها تميم الداري؛ كما يظن بعض الجهلة من المعلقين على ((النهاية)) لابن كثير (ص96- طبعة الرياض)، فقد تابعه عليها أبو هريرة وعائشة وجابر؛ كما يأتي (ص83 و87).

7() ثم رأيت الحاكم قد أخرج الحديث (4/541) من طريق عبد الرزاق وغيره عن معمر به، وقال: ((قد أعضل معمر وشعيب بن أبي حمزة هذا الإسناد عن الزهري، فإن طلحة بن عبد الله ابن عوف لم يسمعه من أبي بكرة؛ إنما سمعه من عياض بن مسافح عن أبي بكرة، هكذا رواه يونس بن يزيد وعقيل بن خالد عن الزهري))، ثم ساق إسناده إليهما.

8() قلت: وفات الأستاذ الدعاس أنه في ((مسلم))؛ فقال في تعليقه على ((الترمذي)): ((تفرد به الترمذي)).

9( ) أي : في بيت المقدس ، وأما في دمشق؛ فيصلي مقتدياً بالمهدي؛ كما تدل عليه سائر الأحاديث المتقدمة.

10() بياض في الأصل، وعلى هامشه: ((رسم الكلمة في موضع النقاط (بيتر) )).

قلت: وأنا أظنّ أن الصواب ما أثبته بين المعكوفتين.

11() الأصل: ((كماثور)).

صحبه .